حفر لا يجرفها السّيل – أنور يحيى
حفر لا يجرفها السّيل – أنور
يحيى
"حفر لا يجرفها السّيل" هي الرّواية الثّالثة لـأنور يحيى صدرت
سنة 2018 عن دار المسيرة للنّشر والتّوزيع، وقد جاءت في 106 صفحة من القطع
المتوسّط.
حفر لا يجرفها السيل - الطّبعة الأولى |
يستهلّ الكاتب روايته بجزء من قصيدة الشّاعر الثّائر أحمد مطر
المعروفة تحت عنوان "أمس اتّصلت بالأمل". ولمن لا يعرف القصيدة،
فالشّاعر فيها يتوقّع حدوث كلّ "المستحيلات" باستثناء واحدة: تغيّر
الحكّام العرب. فلذلك فلن نعتبر اختيار مثل هذه القصيدة، مدخلا اعتباطيّا من
الكاتب لروايته، بل هو نفسه يذهب بنا بعيدا عندما في التّوقّعات عندما يعلمنا باختياره
"يحيى زحل" اسما لبطل شخصيّته.
لا زمن الرّواية ولا مكانها محدّدين، فقط يتدفّق سيل السّرد من حفر
الذّكريات على ألسن أصحابها والرّاوي. شخوص جمعتهم الصّدفة أحيانا والحبكة
الرّوائيّة أحيانا أخرى ليطرح الكاتب بعضا من شواغل المثقّف في ابداء رأيه في الحياة
السّياسيّة في مجتمعه وردّ السّلطة عليه، أو لِنَقْلِ بعض من صور الحياة الاجتماعيّة
لمختلف الطّبقات الاجتماعيّة (بداية من ماجدة بنت منصور التّكروني إلى المعينة
المنزليّة التّي جلبتها من بعض الأرياف الدّاخليّة للبلاد لمساعدتها)...
ولئن كان في بعض الأحيان، السّرد مملاّ بلا وقائع تحرّك مجريات الأحداث،
إلاّ أنّ الكاتب استطاع دسّ بعضا من الحركيّة في أواخر الرّواية ليوقع ببطله
ويشوّق قارئه.
وفي النّهاية، لنا أن نختم بأنّ لكلّ إنسان حفرٌ تشكّلت في شخصيّته عبر الزّمن
وتغيّرت بوقعه (كتغيّر يحيى الوفيّ إلى خائن على سبيل المثال) إلاّ أنّ بعضها لن يجرفها سيل
الحياة ولن يستطيع الزّمن ردمها وهي تلك التّي ترمز إلى وفاء الفرد لوطنه.
تعليقات
إرسال تعليق