في الدّرب الطّويل – هند عزّوز

في الدّرب الطّويل – هند عزّوز

هي مجموعة قصصيّة صدرت منذ 1969 وطُبع هذا الكتاب 18 مرّة (آخرها سنة 2015). ويضمّ هذا الكتاب 17 قصّة إهتمّت أساسا بالمرأة ودورها في المجتمع ونظرته إليها.
فالكاتبة تطرّقت إلى مواضيع إجتماعيّة هامّة إستهلّتها بالحديث عن التّهافت على المادّة (المال) منذ القصّة الأولى من هذه المجموعة لتتبعها لاحقا بقصّة "الحائرة" و"؟" لتغوص في أعماق المجتمع التّونسيّ وتبيّن مدى أهميّة دور المرأة في الحياة الإقتصاديّة للعائلة خاصّة، وتبرهن على مدى حسن إدارة الزّوجة في المواقف الصّعبة دون المساس من شرف الأسرة أو الزّوج إذ أنّه وفي ذلك الوقت (فترة ما قبل الإستقلال وما بعده بقليل) لازال المجتمع التّونسيّ يؤمن بمفهوم الشّرف وانحصاره على عاتق المرأة فقط. وقد ركّزت الكاتبة على هذه النّقطة خاصّة في قصّة "أين صالحة" لتكشف للقارئ عن مظهر من مظاهر المجتمع التّونسيّ الذّكوريّ ومدى قوّة كلمة الرّجل، سواء كان ربّ العائلة أم الابن الأكبر، ومدى طاعة المرأة له. غير أنّها لم تغفل عن إظهار مظهر التّحضّر والفكر التحرّري للرّجل خاصّة بعد الإستقلال إثر صدور مجلّة الأحوال الشّخصيّة وكيف أنّ الحياة الزوجيّة أصبحت متكافئة الموازين بين الطّرفين وأنّ لكليهما نفس الحقوق والواجبات وذلك من خلال قصّة "أسلم السّير في الضّياء".
كما أشادت 'هند عزّوز' على دور المرأة في المقاومة ضدّ الإستعمار الفرنسيّ إلى جانب الرّجل. فالمرأة في قصّة "الخائن الأمين" وإن كانت تغار على زوجها وتشكّ في تصرّفاته إلاّ أنّها حين علمت بجهاده ضدّ من إغتصب أرض أجداده تسانده بالصّبر والدّعاء. والمرأة في قصّة "من شظايا الثّورة" تبيّن دور الأم في حماية ابنها المجاهد ومساندته في أعماله النضاليّة رغم الصّعوبات.
والأمومة في هذه المجموعة القصصيّة كانت مفتاحا أساسيّا للكاتبة إذ من خلالها فتحت أبواب منازل الأسر التّونسيّة لترينا مظهرا من مظاهر المجتمع كعلاقة الزّوجة بحماتها، من جهة، وما يتسبّب في خلافات عائليّة ونجد مثل هذا الموضوع في قصّة "عواطف أمّ" ومن جهة أخرى، سمح لها بالتّركيز على موضوع لطالما فرّق أسرا وهو العقم وحاجة العائلة إلى صغير يُبهج المنزل. ففي قصّة "هنيئا لكم معشر الرّجال" ركّزت على هذه النّقطة مبيّنة أوّل الأمر اعتبار المجتمع أنّ العقم لا يصيب إلاّ النّساء لتتبعه في آخر القصّة بقبول الرّجل لعقمه وهو مظهر من مظاهر التّحرّر الفكري لدى المجتمع التّونسيّ بعد الإستقلال. وفي قصّة "زبيدة" بيّنت أنّ هناك من العائلات من يتصيّد الفرصة كي يبتزّ العائلة التّي تبنّت طفلا لها لتنهل مبالغ ماليّة مقابل حفظ سرّ التّبنّي.
وتطرّقت الكاتبة في قصّة "مواهب مغمورة" للحديث عن دور الثّقافة في تهذيب ذوق المجتمع رغم رفض المجتمع خروج المرأة للجمهور وماله من تحفّظات إزاء ذاك.


وإنّ أسلوب الكتابة لدى 'هند عزّوز' يتميّز بسلاسته وسهولة وصولها إلى بيت القصيد دون لفّ ودوران كي يستسيغ القارئ فكرتها وآراءها المبثوثة بين الأسطر. وتعمّدت في بعض القصص أن تورّط القارئ في القصّة وتجعله يفكّر في النهاية المحتملة. ففي قصّة "السّاعة صفر" يجد القارئ نفسه أمام شخصيّة تتلاعب بها القيم النّبيلة من جهة ومن جهة أخرى تضليل بحجج مختلفة كي يحدث خلل بهذه القيم وتترك القارئ حائرا في القرار المصيريّ للشّخصيّة. وتعاود الكاتبة التّلاعب بقارئها ثانية في قصّة "الحائرة" وتشجّع القارئ على تخيّل بقيّة الأحداث كلّ وحسب شساعة مخيّلته.



تعليقات

  1. غير معرف22/10/16

    merci

    ردحذف
    الردود
    1. العفو. وآمل أن أتمكّن من نشره إلكترونيّا كي تعمّ الفائدة على الجميع

      حذف
  2. غير معرف30/12/16

    لماذا لا يمكننا اخذ المعلومات اي (copier)

    ردحذف
    الردود
    1. أنشأت هذه المدوّنة لهذا السّبب، لأنّ الكثيرين ينسخون ما أكتبه ولا يذكرون المصدر.

      حذف

إرسال تعليق

الأكثر مشاهدة

مراد الثّالث - الحبيب بولعراس

سهرت منه اللّيالي – عليّ الدّوعاجي

قصص كرتونيّة للأطفال من وحي التّراث التّونسي

جولة بين حانات البحر المتوسّط – عليّ الدّوعاجي