الموتى لا يكذبون – جي دو موباسان
الموتى لا يكذبون
– جي دو موباسان
"الموتى لا يكذبون" هكذا كان عنوان قصّة La Morte للأديب
الفرنسيّ "جي دو موباسان" في ترجمتها للعربيّة. قرأتها تقريبا منذ 13
سنة وها أنا اليوم أعيد قراءتها وكأنّني أقرؤها لأوّل مرّة، وكأنّني أمام نصّ جديد
لا أعرفه. قرأتها آنذاك مُترجمة واليوم بحثت عن النصّ الأصلي بالفرنسيّة واكتشفت
عدم التّطابق الكليّ بين النصّ الأصلي وبين النصّ المترجم وأنّ هناك بعض التّفاصيل
التي وقع التغاضي عنها فأفقدت جزءا من رونق الحكاية وأنّ النّهاية، وإن كانت صادمة
في النصّ المترجم، إلاّ أنّها أيضا صادمة مرّتين في النصّ الفرنسيّ.
فاجعة
الموت يرويها محبّ فقد حبيبته ذات ليلة ممطرة، يرويها بكلّ مشاعره وينقلها الكاتب
بكلّ إتقان في الأسلوب فيكسب تعاطف القارئ. يقول الكاتب: "ما أسعد العاشق
الذي يستطيع أن ينسى الذكريات ويدفن الماضي!" وما أسعد القارئ الذي يشارك عاشقا في حكايته وتفاصيلها ويقف
عند بعض التّفاصيل المشتركة بين حكايتهما.
أسلوب
هذه القصّة يجعلك تسعد وتشقى وتخاف من رهبة المقبرة في الليل وأنت تتابع الرّاوي
في تحرّكاته الدّقيقة. تفزع لقيام أحد الموتى من قبره وتهرع مع الرّاوي لقبر حبيبته
لاكتشاف سرّ لا يعلمه سواها.
الحقيقة
صادمة أحيانا والحبّ يُعمي البصيرة كما يقولون، ولكن... أتّفق مع الكاتب في مقدار
التّشاؤم وهو يصف حالة الموتى الصّادقين الذي يمحون الأكاذيب التي اختلقها
أقرباؤهم ويخطّون الحقائق، فاليوم أصبحنا نسعى لتلميع صور أحبائنا متوفّين كانوا
أم أحياء، نسعى لتلميع صورة فنّاننا المفضّل، نُخرج صورة السّياسي الذي نثق فيه في
أبهى صورة كي يكسب أكثر عدد من الأصوات، متناسين أنّ في داخل كلّ منهم ومنّا جزءا
من الشّر، وأنّ الإنسان مهما كان صالحا في حياته، فلا بدّ له أن يكون قد ارتكب من
الخطيئة ما يجعل سجلّ أعماله متوازنا! الموتى لا يكذبون والأحياء لا يصدقون
القول...
الموتى لا يكذبون - جي دو موباسان |
تعليقات
إرسال تعليق