قصّة عشق في الزّمن الضّائع – معزّ نعيجة
قصّة عشق في الزّمن الضّائع –
معزّ نعيجة
رواية "قصّة عشق في الزّمن الضّائع" لـ معزّ نعيجة صدرت في
طبعتها الأولى سنة 2016 عن دار نقوش عربيّة. والرّواية هي بمثابة سيرة ذاتيّة
للكاتب لسنوات الزّمن "بدل الضّائع" مع زوجته.
من العنوان يستطيع القارئ أن يجهّز
نفسه للمثول في هيكل الحبّ إذ أنّ الكاتب ومنذ الصّفحات الأولى يبدأ في سرد وقائع
نكبته وما حلّ بحبيبته. تلك الحبيبة التّي قضّى معها ربع قرن تربطهما قصّة عشق
ورابط مقدّس قبل أن يكتشفا الورم الذّي احتلّ دماغها فيبدآن معا في رحلة البحث عن الدّواء ووسائل
العلاج لفترة امتدّت على مدى ثلاث سنوات وهي ما اعتبرها الكاتب "الزّمن بدل
الضّائع".
فالزّوجة وحال اكتشافها المرض استسلمت للأقدار وتجلّدت بالصبر وأودعت كامل
ثقتها في طبيبها سليم بينما تمسّك الكاتب بخيط أمل اكتشف أنّه وهم في آخر المطاف
وأنّ النتيجة كانت محسومة منذ البداية. وفي سرده للأحداث التّي عاشها الكاتب خلال
مراحل العلاج، لم ينس الكاتب أن يبثّ بعض المظاهر والمواقف المخجلة واللاّإنسانيّة
من الإطار الطبيّ لمن يستحقّون الكلمة الطيّبة لمقاومة مرضهم ولابتسامة ترجع فيهم الأمل
في هذه البلاد (تونس) قبل الثّورة وبعدها. كما حاول الكاتب إيجاد أجوبة لأسئلة
عقيمة من أبرزها أسباب تردّد الطبيب المباشر في استئصال الورم حال اكتشافه. لكن ما
يشدّك حقّا في هذه الرّواية هو الصبغة الإسلاميّة الجميلة التّي طغت على بعض
المواقف بين الزّوجين وإلى الوقوف إجلالا أمام هذا الزّوج الذّي خلنا أنّ أمثاله
اندثروا في زمننا هذا. هذا الزّوج الذّي لم يجد وسيلة للخلاص من فجعته سوى وصيّة
الزوجة توصيه فيها بالصّبر ثمّ اختياره للكتابة وسيلة لسكب مشاعره على الأوراق
ومنها وُلدت هذه الرّواية.
قبل الختام، يجب الإشارة إلى أنّ الرّواية تحمل في طيّاتها الكثير من
التجارب الإنسانيّة والمواقف التّي يمكن أن يعيشها أيّ قارئ لذلك فهي جديرة
بالقراءة.
قصة عشق في الزّمن الضّائع - الطبعة الأولى 2016 |
شكرا سيرين على تحليلك الضافي لرواية «قصة عشق في الزمن الضائع».
ردحذفوأود لو سمحت التأكيد على ثلاث أبعاد ركزتِ عليهم تحليلكِ.
1- بالفعل، كما تفضلتِ، رواية «قصة عشق في الزمن الضائع»، تروي قصة حب تبتدئ بنهايتها، أي بالفراق. وجعلتُ عنوان أول فصل «النهاية» حتى أكون صادقا مع القارئ. فهو أمام قصة حب، ولكن غير عادية. وأقدم له النهاية على طبق في أول مصافحته للكتاب، وكأنني أحثّه على البحث في أمر آخر، أبعد وأعمق بكثير من هذه النهاية المتداولة كثيرا في السرد العربي، وأدعوه إلى اكتشاف أبعادا أخرى غير كلاسيكية في قصة الحب التي بين يديه.
2- كما ذكرتِ، ركزتُ نقدي كثيرا على «أمراض » المنظومة الصحيّة والعلاجية في تونس، بكل مكوناتها، وبشقيها العمومي و الخاص، وحاولت أن أبيّن تخلّيها عن مبادئها وقيمها الإنسانية، تحت وطأة طغيان المادة والنمط المجتمعي الاستهلاكي.
3- أخيرا وفي خصوص البعد الديني للرواية، فكأني أردت القول، أن بطل الرواية، بعد أن فقد ثقته في طبّ البشر، التجأ إلى السماء ينشد عندها الشفاء لحبيبته. وهنا وقع في مواجهة عنيفة وغير متكافئة مع القدر، وابتدأ في ذاته ذلك الصراع المرير الذي انتهى بخيبة أمل كبيرة، عصفت بإيمانه.
وهنا تدخلت حبيبته من العالم الأخر لتفك قيده بعد أن قارب الجنون، بل شارف على الانتحار وأرجعته إلى الصواب إذ وجد لديها مساندة في غيابها، حين بعثت له من العالم الأخر تلك الرسالة المشفرة التي نهلت من بقايا إيمانه، لترجعه إلى رشده في التمسك بالحياة. هي أعطته الحياة وهي غائبة عنه و نهرته عن النواح و البكاء....
لذلك نقل الراوي حداده على فراق زوجته إلى حداد أصعب وأشد، حداد على زمنه الضائع، وعلى أيام حياته المهدرة دون ملامسة السعادة ودون تحقيق ذاته.
و هذا هو دور الكتاب. كتبتُ حتى ينتهي الآخرون من تقدير خاطئ أن الحياة أبدية وأن الفراق قد لا يأتي أبدا، وعليهم استغلال كل لحظة في حياتهم ليَسْعَدُوا ويُسْعِدُوا من حولهم.
معز نعيجة
شكرا على التّوضيحات سي معزّ =)
حذفقصة شيقة جدا.. تجعلك لا تتوقف عن القراءة.. البداية بالنهاية هو ما يجعلها متفردة عن غيرها من القصص.. و أبعاد أخرى منها ماهو أخلاقي إنساني و منها ماهو ديني إيديولوجي.. حقا تستحق القراءة.. شكرا سيرين على تحليلك الرائع للقصة و ألف شكر كاتبنا الموقر معز نعيجة هلى ما ذرفت من كلمات..
ردحذفSihem Shkiwa
(FB: Sihem Mirhene)
ويصادف اليوم الذّكرى الخامسة لرحيل بطلة هذه الرواية...
حذفشكرا لمرورك المتميّز صديقتي سهام، ونأمل كلّ النّجاح والتّوفيق لهذا الكتاب المفعم بالأحاسيس ولصاحبه =)