صوت الحبّ – فاتن كشو
صوت الحبّ – فاتن كشو
"صوت الحبّ" هي الرّواية البكر لـ فاتن كشو صدرت سنة 2012 ولئن
حملت هذه الرّواية العديد من القضايا الإجتماعيّة والإنسانيّة إلاّ أنّها ركّزت
خاصّة على موضوع العنصريّة في البلاد العربيّة والأجنبيّة.
فبطلة الرّواية "سارّة" هي فتاة تونسيّة كبُـرت مع عقدة أنّها
فتاة سوداء البشرة (وصيفة باللغة التّونسية) لأبوين أبيضي البشرة وقد تولّدت فيها
العديد من مشاعر النّقصان، عدم الثّقة بالنّفس والتّشكيك في نسبها وأصلها رغم ما
ورثته من نسب أصيل ومال وفير. و "سارّة" هي نتاج عمليّة تلقيح إصطناعيّ
كان الحلّ الأوحد آنذاك للأبوين اللّذين ملاّ إنتظار زينة الحياة الدّنيا من
البنين. شيئا فشيئا تغوص الكاتبة في شخصيّة البطلة التّي قرّرت التحرّر من قيود
المجتمع واتّهاماته الباطلة في حقّها لتستقرّ في الولايات المتّحدة الأمريكيّة حتّى
تكمل دراسة الفنون هناك ثمّ أصبحت بعد سنوات من الشّخصيّات الفنيّة المعروفة
والموهوبة. تتعرّف البطلة على قدرها المحتوم وهو مهندس الإضاءة "آدم"
لتتولّد منها قصّة حبّ تكلّلت بالزّواج لكنّه لم يُقدَّر له أن يدوم إذ هاجرت
سارّة، حاملة ثمرة زواجها، بعد أن إكتشفت سرّ شذوذ لون بشرتها.
إنّ صوت الحبّ النّابع من الرّواية كان مشروعا طبيّا ناجحا، رغم سريّته
لسنوات، وما إن ظهر للملإ إلاّ وكان سببا في قتل الطبيب المسؤول وكان سببا في حالة
الضّياع والهشاشة التّي لحقت بسارّة طوال حياتها.
والقارئ لهذه الرّواية له أن يرافق الكاتبة إلى أماكن معروفة ويساير
التّسلسل الزّمني للأحداث خاصّة منها تلك التّي أثّرت في الإقتصاد الوطني
كالتّعاضديّة أو كالأحداث التّي مسّت الوعي الإنسانيّ وهي أحداث 11 سبتمبر التّي
لم تبخل الكاتبة بالحديث عنها ونقل ما قيل عنها لتصل إلى تبرير لحرب الولايات
الأمريكيّة على العراق أو كأحداث العدوان الإسرائيليّ على جنوب لبنان والتّي شاركت
سارّة في المساعدة في إغاثة المصابين إثر هذا العدوان.
كما وفّقت الكاتبة في التّدرّج في تغيير صورة "أمريكا بلاد
الدّيمقراطيّة والحرّيات"، التّي ملأت فكر سارّة، إلى الصّورة الحقيقيّة لهذا
البلد من خلال سرد معاملة أجهزة الأمن مع آدم الذّي كان يدافع على الطلّبة
المسلمين ضدّ الممارسات العنصريّة للأمن الأمريكي معهم بسبب ديانتهم والذّي كان أيضا
يفضح ما يقع من تجاوزات ومخالفات دوليّة لأمريكا ضدّ الأسرى في السجون الأجنبيّة.
والمتوقّف على شخصيّة البطلة في هذه الرّواية له أن يستنتج أنّ المرأة
التّونسيّة خاصّة والعربيّة عامّة قادرة على الإبداع متى أرادت ذلك شرط أن تتحدّى
المجتمع المبني على العقد الإجتماعيّة كالعنصريّة التّي أولتها الكاتبة الاهتمام
في هذه الرّواية. ولعلّ هذه الرّواية أيضا هي برهان على أنّ المرأة التّونسيّة،
المتجسّدة في الكاتبة "فاتن كشو"، قادرة على خلق الإبداع الأدبيّ شكلا
ومضمونا.
صوت الحب - الطبعة الأولى 2012 |
تعليقات
إرسال تعليق