نوم الدّيك – حافظ محفوظ

نوم الدّيك – حافظ محفوظ

نوم الدّيك هي رواية لـ حافظ محفوظ كُتبت سنة 2013 وصدرت عن دار مومنت في لندن.

الرّواية جاءت في قالب حكاية يسردها محجوب على زوجته حليمة بطلها ميلاد زرود وهو "خدّام حزام" يجرّ عربته كلّ صباح ليبيع السّحلب ويعود بما ربحه من نقود آخر اليوم إلى أمّه، أخيه وأختيه. وميلاد كان قد تكفّل بعائلته منذ صغره، فكفلهم ولم يشتكِ ودرّس أخاه الذّي أصبح أستاذ فلسفة ولم يطالب بأيّ شيء لنفسه. وكانت الأيّام قد علّمته التّعامل مع البوليس دائمُ الرّكض وراءه ووراء أمثاله من البائعين المتجوّلين. وكانت له حبيبة إسمها عزّة يزورها من حين إلى آخر وكانت حياته هادئة لا تشوبها شائبة إلى أن هجم عليه البوليس ذات ليلة في منزلهم وقادوا أخاه عزّ الدّين إلى سجن الخليفة وهو سجن لمن لهم قضايا سياسيّة والسّياسة في ذاك العهد من المحرّمات.

بعد هذه الحادثة هام ميلاد وهو الذّي يعتبر نفسه بمثابة الأب لأخيه الأصغر وقرّع نفسه للتّهاون في الاهتمام به. وقلّ إهتمامه بعزّة وأختها المريضة وكثر شروده وهمومه. إلاّ أنّ الرّشاوي و"الأكتاف" لم تكن بالغائبة عن المجتمع آنذاك فسعى ميلاد إلى حسني الدّلال ليتوسّط له في إخراج أخيه من السّجن. ولم يخفَ على الكاتب أن يسرد التّنكيل والتعذيب اللّذان لحقا بعزّ الدّين في السّجن لدفعه على الإعتراف بمن يقف خلف تنظيمهم كذلك لم يخف عليه سرد حكاية حسني الدلاّل وطريقة تكوينه لثروته في فترة وجيزة. وكان لعزّ الدّين صديق إسمه رشيد، وهو من الـمُفتَّشين عنهم، قاد ميلاد ذات جمعة إلى شيخهم الذّي هنّأ ميلاد بتربيته السّليمة لأخيه ولحثّه على الصّبر على محنة أخيه. وهنا يجد القارئ نفسه حائرا مثل ميلاد: فلا "الخوانجيّة" إستطاعوا تخليص أخيه ولا الرّشوة و"المعارف" ساعدته على الوصول إليه. لكنّه واصل حياته بعد أن يئس وتزوّج من عزّة وأنجب توأمين وبعد سبع سنوات، حدثت خلالها الثّورة، أُفرج عن عزّ الدّين الذّي لم يراع المشقّات التّي كابدها أخاه الأكبر ميلاد في سبيل رؤيته وتخليصه من سجنه بل أعرب عن نيّته في الرّحيل.

إنّ الأسلوب الحوار بين الزّوجين أضفى متعة على سرد الرّواية، فالكاتب تخلّص من دور الرّاوي ليورّط الزّوج فيها. وهذه الرّواية هي من رحم الثّورة التّونسيّة إذ أنّني أرى وأنّ إختيار الكاتب لمهنة ميلاد ليست بالعبث، فالبوعزيزي أيضا كان يجرّ عربة يرتزق منها. والحبكة التّي اعتمدها الكاتب لتوريط ميلاد، الذّي لم تكن له أيّ إهتمامات سياسيّة، في صراع الحاكم مع "الخوانجيّة" ولوضعه في صلب الواقع كانت في غاية المتانة. وقرار الرّحيل في النّهاية، يؤكّد على أنّ هذا الصّراع مازال وسيظلّ قائما إلى ...

 

نوم الديك