مجرّد لعبة حظّ – إبراهيم درغوثي

مجرّد لعبة حظّ – إبراهيم درغوثي


مجرّد لعبة حظّ هي رواية لابراهيم درغوثي الصّادرة سنة 2004 عن المدينة للنّشر والحائزة بالجائزة الأولى لمسابقة "المدينة" للرّواية لسنة 2003.
بداية، تجدر الإشارة إلى أنّ بنية الرّواية تميّزت بتناوب فصلَيْ "أنا بثينة" و "أنا فائز" ليمنح الكاتب كلّ شخصيّة إمكانيّة التّعبير والحديث عن مكنوناتها فكأنّ الشّخصيّة تتوجّه بالحديث مباشرة إلى القارئ.
وبثينة، هي أستاذة في اللّغة العربيّة، ورغم تعلّمها وثقافتها إلاّ أنّ لعبة الورق وقراءة الطّالع تستهويها. وهي زوجة فائز الذي قرّرت ذات ليلة قتله بعد زواج لم يبذر عنه أيّ طفل أو أيّ حمل. في تلك اللّيلة أيضا قرّر فائز إيداع زوجته لدى مصحّة عقليّة بعد إزدياد هوسها بألعاب الورق إثر إنتقالها إلى شقّة جديدة في مدينة ياسمين الحمّامات. هكذا صرّح كلا الزّوجين منذ البداية، للقارئ طبعا، عن مخطّطتيهما وبهذا إستطاع الكاتب جذب القارئ لمواصلة القراءة لمعرفة "من سيتخلّص من الآخر أوّلا".
لكنّ كلتا الشّخصيّتين غاصتا في ذكرياتهما، وقد تناوب الزوجان الحديث. فنعود تارة مع بثينة إلى ذكريات طفولتها وتارة مع فائز ومع بداية ولادة علاقته البريئة ببثينة الطّفلة. وبثينة كانت فتاة عاديّة لولا تأثير غجريّة عليها في سبعة أيّام ممّا جعلها تتقن خلط وقراءة "أوراق الشّْكُبَّة" لتعرضها أمام الجميع وتقرأ طالعهم. ثمّ يفاجئ القارئ لاحقا بأنّ بثينة درست عند أستاذ إسمه جميل وقد أحبّها هذا الأخير حبّا عذريّا ممّا يستدعي القارئ إلى تذكّر نصوص السّنة الأولى من التّعليم الثّانوي (لمن كانوا من نفس جيلي) والبحث عن معاني هذا الحب. لكنّ جميلا إنتهى تحت عجلات شاحنة أبي بثينة، فتظلّ هذه الأخيرة تبحث عنه حتّى بعد زواجها من فائز الذّي إستهوته الأرقام وأصبح مديرا في معمل "تاج العروس ومتعة النّفوس" ويتطوّر هوسها بالورق إلى حدّ إستقبال زبائنها خارج أوقات عملها في بيتها ممّا أدّى إلى بداية صراعاتها الزوجيّة. ثمّ انتقلت بثينة للعيش في شقّة إشتراها زوجها في مدينة ياسمين الحمّامات للإستجمام إلاّ أنّها وجدت نفسها في أنسب مدينة من الممكن لها ممارسة نشاطها فيها إلى أن إلتقت يوما بحّارا فينيقيّا يُرجّح أنّه نفسه الذّي عشق عليّسة.
 اختلطت عليّ هذه الأحداث وأغلب الظنّ أنّ الكاتب إستدعى أرواح العشّاق السّابقين لتسكن في أجساد شخصيّاته وليعطي نظرة عن تناسخ الأرواح وعن تناسخ رابط الحبّ الذّي يظلّ يربط الإثنين على مدى الدّهر.
وعند بروز شمس الصّباح التّالي، يواصل الزوجان حياتهما بعد التّخلّي عن مخطّطاتهما.
سلّط الكاتب الضّوء على العديد من القضايا الإجتماعيّة في هذه الرّواية، فبداية نبدأ بالشّعوذة أو قراءة الطّالع الذّي لم يتمكّن العلم من التّغلّب عليه. ثمّ مسألة التّحرّش الجنسي لمدير المعمل بعاملاته مارّين بالمعتقدات الإجتماعيّة الرّاسخة بـ "شرف العائلة". كذلك الخيانة الزّوجيّة من كلا الطّرفين وحبّ جمع المال وتكوين الثّروة وهو ما جعل فائزا يبني معملا في حديقة منزله كي يستخلص من الملابس المادّة المخدّرة. وأيضا موضوع العقم ونظرة الرّجل المتفتّح له إذ أنّ فائزا ظلّ كأجداده الأسبقين محافظا على نظريّة أنّ المرأة فقط من يجب عليها أن تكون عاقرا.
ولم يخف على الكاتب بثّ بعض القضايا العربيّة الإنسانيّة كقضيّة بغداد وحرب الخليج وما أدّت صور الدّمار والحرب إلى إنهيار الحالة العصبيّة لبثينة وهي التّي تمثّل المرأة العربيّة المهتمّة بالأحداث العالميّة وخاصّة تلك التّي تمسّ عروبتها وهويّتها.


مجرّد لعبة حظ - الطبعة الأولى 2004

تعليقات

الأكثر مشاهدة

مراد الثّالث - الحبيب بولعراس

في الدّرب الطّويل – هند عزّوز

سهرت منه اللّيالي – عليّ الدّوعاجي

قصص كرتونيّة للأطفال من وحي التّراث التّونسي

جولة بين حانات البحر المتوسّط – عليّ الدّوعاجي