حفر دافئة - الحبيب السالمي
حفر دافئة – الحبيب السّالمي
"حفر دافئة" هي رواية للحبيب السّالمي صدرت في طبعتها الأولى سنة
1999 عن المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر وتروي يوميّات، أو بالأحرى ليلة،
مهاجر تونسي مقيم بباريس.
"سالم ولد عثمان" هو مُهاجر تونسيّ أصيل مدينة العلا ومقيم بباريس،
أصابه ذات ليلة أرق أقضّ عليه مضجعه فتناول دفتره وأبحر بين الأسماء والأرقام.
توقّف الرّاوي عند ثلاث أهمّ أصدقائه الذّين آنسوا غربته وهو الحاج حمّودة،
عادل الطّالبي وسعاد وغاص في أعماق ذكرياته معهم.
أمّا سعاد فهي أصيلة مجاز الباب
هاجرت بعد تكالب أعين الطّامعين في جسدها إلى فرنسا وكانت صديقة الرّاوي لفترة
وغادرت حياته فجأة كما ظهرت فيها فجأة. وأمّا عادل الطّالبي، وهو أصيل الجريد، فهو
صديق الرّاوي لسنوات، تعرّفا على بعضيهما في طائرة آرباص 300A على ارتفاع
33قدم، وكان إيقاف
الشّرطة لعادل في المطار لإشتباهه في أعمال "ضدّ النّظام" جعله حاضرا في
فكر الرّاوي فتوطّدت علاقتهما بعد الحادثة. وأمّا الحاج حمّودة وزوجته حضريّة فقد
حضيا بمكانة هامّة في ذاكرة سالم إذ أنّهما أحبّاه كابنهما الفاسد وشاركاه
كلّ أخبارهما حتّى يتناهى للقارئ أنّ الرّاوي عليم بكلّ خبايا هذين الزّوجين
اللّذين تركا قرية الهوارب أملا في تقدّم الطّبّ في فرنسا وأملا في إنجاب الذّريّة
الصّالحة غير أنّ الأقدار خطفت منهما ابنتيهما ذات السّنوات الخمس وغيّرت السّلوك
القويم لابنيهما البكر الذّي انتهى بتركه شقّة والديه.
أمّا الرّاوي فكان شحيحا في الحديث عن نفسه والولوج إلى ذكرياته إذ أنّه لم
يذكر سوى ذكريات عودته بعد غربة دامت سبع سنوات متتالية وصورة فرحة أمّه بعودته من
خلال ذبحها لفراريجها إحتفالا بابنها العائد وخاصّة إلحاح زوج أخته في التّنزّه في
المقبرة القريبة من القرية.
الرّواية حملت العديد من صور الرّيف التّونسيّ آنذاك وصورا للمجتمع الذّي
كان يستعمل الفانوس للإضاءة ويتفاخر بمجرّد امتلاك جهاز الراديو ويتعب خدّام
الحزام في توفير قوت أبنائه. غير أنّه نقل كذلك صورة للبطالة في فرنسا من خلال
شخصيّة الحاج وأقام مقارنة بين المجتمعين والحضارتين اللّتين يفصلهما البحر الأبيض
المتوسّط من خلال إحدى رسائل عادل.
*نساء البساتين – حفر دافئة: ما الرّابط بينهما؟
لاحظت وأنا أقرأ هذه الرّواية أنّ شخصيّة الرّاوي سالم لا تختلف كثيرا عن
شخصيّة الرّاوي الأستاذ في رواية نساء البساتين إذ أنّ كلتا الشّخصيتين تكونان
عادة غير فاعلة في الأحداث وإنّما ترتكز على التّذكّر أو على مجاراة باقي
الشّخصيّات في الأحداث. ولعلّ هذا التّشابه في الشّخصيّتين، خاصّة وأنّ الإثنتين
من التّونسيين المهاجرين، يعود إلى تأثير الهجرة وطول سنواتها على الرّوائي
"الحبيب السّالمي" لذلك كانت شخصّياته الرّوائيّة هي المساحة التّي
يستطيع من خلالها الكاتب بثّ شوقه إلى وطنه، نظرته إلى مجتمعه وإلى اختلاف
الحضارات.
(الرّواية موجودة للتحميل)
حفر دافئة - الطبعة الأولى 1999 |
تعليقات
إرسال تعليق