الحمار الذّهبي – لوكيوس أبوليوس
الحمار الذّهبي – لوكيوس أبوليوس
الحمار الذّهبي (أو
التّحوّلات أو التّغيّرات) هي أوّل رواية في تاريخ البشريّة كُتبت باللاّتينيّة
القديمة لـ لوكيوس أبوليوس وهو كاتب لاتيني وخطيب أمازيغي نوميدي وفيلسوف وعالم
طبيعي وكاتب أخلاقي وروائي ومسرحي وملحمي وشاعر غنائي، ترجمها إلى العربيّة عمّار
الجلاصي. وهي الرواية الوحيدة بتلك اللغة التي لها نسخة محفوظة بحالة سليمة.
والرّواية هي عبارة
عن 11 كتابا تسرد حكاية "لوقيوس" الشّابّ الذّي أراد تعلّم السّحر، فلجأ
بمساعدة "فوتيس"، وهي خادمة "بامفيلا" (زوجة "ميلو"
مضيّف "لوقيوس" والتّي كانت مُتمرّسة في فنون السّحر) إلى إستعمال إحدى
العلب للتحوّل إلى طير لكن الخطأ في العلبة أدّى إلى تحوّله إلى حمار. وصادف
ليلتها أن هاجم لصوص منزل "ميلو" فحملوا معهم الحمار لتبدأ مسيرة عذاب
الشّابّ المتحوّل.
يقول
"لوقيوس": "أمّا أنا فاحتفظت، رغم مسخي حمارا وتحوّلي من
لوقيوس إلى دابّة بكماء، بالإدراك البشريّ" لذلك كان من السّهل على الرّاوي نقل مغامرات
الحمار إلى جانب 17 قصّة على لسان الدّابة، بعضها شهدها الحمار وبعضها الآخر
سمعها، ولعلّ من أطول وأمتع القصص -بالنّسبة لي- قصّة كيوبيد وبسيشة لما فيها من حكم
وإشارات لعلاقة البشر بالآلهة وهي جسر للقارئ للتّعرّف على بعض الآلهة القديمة. ويتواصل
تنقّل الحمار من مكان لآخر متمعّنا في غباء البشر أحيانا متذمّرا من قسوتهم أحيانا
أخرى إلى أن يهرب وتستجيب لدعواته الآلهة "إيزيس" فتُخلّصه من هيئته
الحيوانيّة وتُرجعه إلى هيئته الأولى، البشريّة. بعد هذه المعجزة، يُكرّس لوقيوس
ما بقي من حياته في خدمة آلهته ليصل إلى الدّرجة الثّالثة من القدسيّة ويصبح كاهنا
في نظام الرّهبنة.
إنّ القارئ المنتبه
للهوامش العديدة التّي أدرجها المترجم له أن يستنتج تمرّس أبوليوس في اللّغة وذلك
بالإشارة إلى العديد من الظّواهر اللّغويّة المستعملة في الكتابة باللّغة الأصليّة
فنجد الطّباق والجناس (المطلق، المضارع ...) وتلاعبا بالمفردات وظواهر لغويّة
صوتيّة تضفي إلى النّصّ حسّا فنيّا أدبيّا وهذا لا يخفى على أبوليوس وهو الخطيب.
والمترجم أيضا كان له
دور هامّ إذ أنّه نقل النّصّ في جماليته الأصليّة وبلغة عربيّة قحّة محترما
الموضوع وجمال الصّور الواردة مفصّلا الكثير من الإشارات التّي من الممكن أن تصعب
على القارئ العاديّ مستعملا في ذلك زاده من التّاريخ القديم واللاّتينيّة القديمة.
ولعلّ تفسيره لسبب إختيار أبوليوس للحمار دليل على رأيي:
كما فسّر في الهوامش
سبب تقسيم أبوليوس لهذه الرّواية على 11 كتابا، فقال في هذا الشّأن: "أســماء
الملكة إيزيس: لاحظ هنا عشــرة أســماء
هي إلى حد ما تسميات مضلّلة ومظاهر، قبل تجلّي الحقيقة الصّحيحة، ولعل ّلهذا كما
لتبويب الرواية إلى عشرة كتب يتبعها كتاب يختلف عنها في لهجته ممّا قد يوهم أنه
زيد إلى الرّواية الأصليّة تلفيقا، دلالة إذا عدنا إلى فلسفة العدد الفيثاغوريّة
التي تعتبر
عــدد 10 (=1+2+3+4) ختام دورة وافتتاح دورة جديــدة: وهنا يبدأ لوقيوس حياة جديدة، بعد ضياع حياته السّــابقة البهيمية. ويمكن تقســيم الكتب العشرة
الأولــى موضوعيّا على الأســاس المذكور -1: الوصول 2-3: السّــقوط في اللّذة
الحسّيّة والسحر 4-5-6: في كهف اللصوص 7-8-9-10: تنقّل ومحن."
عــدد 10 (=1+2+3+4) ختام دورة وافتتاح دورة جديــدة: وهنا يبدأ لوقيوس حياة جديدة، بعد ضياع حياته السّــابقة البهيمية. ويمكن تقســيم الكتب العشرة
الأولــى موضوعيّا على الأســاس المذكور -1: الوصول 2-3: السّــقوط في اللّذة
الحسّيّة والسحر 4-5-6: في كهف اللصوص 7-8-9-10: تنقّل ومحن."
بعد تطّلعي على هذا
العمل الأدبيّ القيّم وخاصّة على الأساليب الـمُستعملة فيه، لا أعلم فقط لماذا
أقرأ أحيانا روايات لا يبذل كاتبها جهدا كافيا في إخراجها في صورة فنيّة جميلة كما
فعل أبوليوس ...
تعليقات
إرسال تعليق