باب العلوج – حسنين بن عمّو

باب العلوج – حسنين بن عمّو

ماهو الرّابط بين "باب العلوج" و "البندقيّة" ؟

هذا ما حيّرني منذ الصّفحات الأولى للكتاب، لكن شيئا فشيئا عندما تنغمس في مجارات الأحداث لتجد نفسك أمام حبكة قصصيّة رائعة تحملك من عالم إلى آخر عبر سفينة القراصنة وصولا إلى ميناء تونس.

إستفزّتني سذاجة قصّة حبّ أنطونيو لماري وما أدّت لعذابه وضياعه لكنّني وجدت بين أسطر الرّواية ما كانت تصبو إليه نفسي من قصص وأحداث تاريخيّة.
فأحداث الرّواية تدور في العهد الحفصيّ زمن حكم "أبو فارس عبد العزيز" ليكشف الكاتب مع تطوّر الأحداث وما كان من صراع وتقاتل على الحكم خاصّة بعد تولّي حفيده "أبو عبد الله محمد المستنصر" الحكم وما لاقاه من معارضة من أحد أعمامه.

كما كشفت الرّواية عن العديد من تقاليد أهل الحاضرة 'تونس' في ذاك العهد وأبرزت أرقى مظاهر التّعايش السّلميّ بين مختلف الدّيانات وهو ما أثار إستغراب "أنطونيو" في بعض المقاطع.

ودخل بنا الكاتب إلى العديد من الأماكن التّاريخيّة والعريقة في "البلاد العربي" مدقّقا خاصّة في وصف قصر القصبة وقصر راس الطّابية وما به من جنان. وأخذنا معه في وصف رائع لقصر باردو وما حوله من الجنان ومن بقايا 'الحنايا'. كمّا تسلّل بنا إلى 'قصر البنات' و روى على لسان الشّيخ حكاية تسمية الباب الخامس في أسوار المدينة بــ 'باب البنات'.

ولم يفت الكاتب أن يتطرّق للحديث عن مقام الوليّ الصالح "أحمد بن عروس" الذّي جاد علينا بتاريخه وأسباب بناء مقامه في ذاك المكان.

وعندما تكمل آخر الصّفحات، عندما إستقدم السلطان "أبو عمرو عثمان" عائلة أمه من إيطاليا وإسكنهم في حيّ مجاور للقصبة سُميّ بـ"رحبة العلوج"، تصبح عالما بتاريخ تسمية "باب العلوج" بهذا الإسم وترسخ هذه القصّة في الذّاكرة.
لكن ما استرعى إنتباهي حقّا هو "تجارة العلج" (والعلج هو الأجنبي الأوروبي) في عصر إتّسم بالظلمات في القارّة العجوز بينما إتّسم بالإزدهار والإستقرار في الدولة الحفصيّة.

وكالعادة 'كتاب يجيب كتاب' إذ تعرّفت من خلال هذه الرّواية على أحد أعلام ذلك العصر وهو "عبد الله الترجمان" الذّي خصّه الكاتب بجانب كبير للحديث عن تاريخ إسلامه وهو القسّ النّصرانيّ وقد حرّك الكاتب فضولي لقراءة أشهر كتب هذا الفقيه ألا وهو "تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب".(لتحميل الكتاب من هذا الرّابط)

باب العلوج - الطّبعة الأولى